عند اتخاذ القرار الشجاع بالدخول إلى مصحة علاجية، يتردد على الذهن سؤال رئيسي: “كم مدة علاج الإدمان في المستشفى؟”. في الحقيقة، الإدمان هو مرض معقد لا يمكن تحديد مدة علاجه برقم ثابت، بل تختلف المدة من مريض لآخر حسب وضعه الصحي والبروتوكول العلاجي المتبع.
في المتوسط، تستغرق معظم حالات علاج إدمان المخدرات فترة تتراوح بين ثلاثة أشهر حتى ستة شهور. وقد تطول هذه الفترة لتصل في بعض الأحيان إلى سنة كاملة (12 شهر). وكلما زادت فترة العلاج، كلما وصل المريض إلى مستويات شفاء أعلى وتحسّن أكبر، حيث يعتاد على سلوكيات صحية جديدة تُبعده عن الإدمان.
المراحل الأساسية التي تحدد مدة علاج الإدمان
رحلة التعافي تُقسم إلى مراحل، تبدأ بمرحلة التخلص من السموم، مروراً بالعلاج النفسي، وتنتهي بالتأهيل الاجتماعي والرعاية اللاحقة. إن فهم مدة كل مرحلة والعوامل المؤثرة فيها هو مفتاح لوضع توقعات واقعية لرحلة الشفاء.
إن تحديد كم مدة علاج الإدمان في المستشفى يعتمد على طول ونجاح المراحل العلاجية الثلاثة الأساسية التي يخضع لها المريض:
1. المرحلة الأولى: سحب السموم وعلاج الأعراض الانسحابية
هذه هي الخطوة الأولى والضرورية التي يتم فيها إزالة المخدرات والمواد الأفيونية من الجسم. إنها الفترة التي يعبر فيها الجسم عن التغيرات الناتجة عن توقف دخول المخدر.
- المتوسط الزمني: يتراوح متوسط هذه المرحلة ما بين 3 أيام حتى 10 أيام. وقد تمتد الفترة الزمنية لخروج السموم وعلاج الأعراض الانسحابية من 3 إلى 15 يومًا في المراكز المتخصصة. وفي حالات أخرى، قد تصل مدة علاج الأعراض الانسحابية إلى 60 يومًا، خاصة في إدمان المهدئات.
- أهمية الإشراف الطبي: خروج السموم من الجسم يترافق مع آلام وآثار جانبية وعواقب خطيرة في بعض الأحيان، ولذلك يجب أن يتم تحت إشراف طبيب متخصص.
- ملاحظة: التعافي الجسدي الكامل لأعضاء الجسم الداخلية قد يبدأ بعد فترة أسبوعين كحد أدنى من بدء العلاج.
2. المرحلة الثانية: العلاج النفسي والتأهيل السلوكي
تُعد هذه المرحلة ضرورية ومكمّلة للجزء الجسدي. العمل هنا يركز على الحالة النفسية للمريض وعلاج ما أفسده المخدر في نفسية المتعاطي. ويهدف هذا العلاج إلى تغيير السلوكيات والأفكار، وإعادة تأهيل المريض سلوكياً.
- المتوسط الزمني: تتراوح مدة العلاج النفسي والتأهيل الاجتماعي في حالة الإقامة الكاملة ما بين ثلاثة شهور حتى ستة شهور.
- أهمية هذه المرحلة: العلاج النفسي هو أهم جزء في العلاج وهو السلاح الذي يحمي الشخص من الانتكاسة. وكلما طالت فترة العلاج النفسي والتأهيلي، كلما حصل المريض على نتائج إيجابية أكبر وقلت نسبة تعرضه للانتكاسة.
3. المرحلة الثالثة: الرعاية اللاحقة والوقاية من الانتكاس
تبدأ هذه المرحلة بعد الخروج من المستشفى وتستمر لفترات زمنية طويلة قد تمتد لسنوات. يظل المريض على اتصال مستمر بالطبيب المعالج والأصدقاء الذين تلقى معهم العلاج.
- المتوسط الزمني: يمكن أن تصل مدة الرعاية بعد العلاج إلى 18 شهر تقريباً (عام ونصف).
- الهدف: إن برامج الرعاية اللاحقة، مثل مجموعات الدعم الذاتي، تساعد في تقليل خطورة الانتكاسة. وكلما طالت هذه المدة، كلما نجح بروتوكول العلاج بشكل أكبر، لما لها من تأثير نفسي إيجابي في الحياة الخارجية للمتعافي.
العوامل الخمسة الحاسمة التي تتحكم في مدة علاج الإدمان
تختلف الإجابة على سؤال كم مدة علاج الإدمان في المستشفى بشكل جذري من حالة إلى أخرى بناءً على مجموعة من العوامل الشخصية والبيولوجية التي تعمل على التسريع أو الإطالة من مدة العلاج.
1. فترة التعاطي وطول التاريخ الإدماني
العلاقة بين فترة تناول المخدر وبين مدة العلاج من الإدمان هي علاقة طردية.
- الشرح: كلما طالت فترة تعاطي المخدرات، كلما ترسب المخدر وتأثيره بشكل أكبر في الجسم وعلى جميع الخلايا. وهذا يستلزم فترة زمنية أطول للتخلص من المخدرات والسموم. أما إذا كانت فترة التعاطي قصيرة، فإن ذلك يسهل ويقلل من مدة العلاج.
2. نوع المادة المخدرة وكمية الجرعة
يؤثر نوع المخدر المستخدم في مدة العلاج. فبعض المواد تترك تأثيراً إدمانياً قوياً وتترسب بشكل أكبر في الجسم، مما يتطلب فترة علاج أطول.
- أمثلة:
- الهيروين/الأفيون: يحتاج إلى فترة سحب سموم تتراوح بين 4 إلى 14 يومًا. وتستغرق مرحلة التأهيل النفسي لإدمان الهيروين ما بين 4 إلى 6 أشهر.
- الحشيش: تتراوح فترة سحب السموم منه ما بين 15 إلى 30 يومًا.
- الأمفيتامينات (الشبو/الكبتاجون): تتراوح فترة علاج الأعراض الانسحابية من 7 إلى 20 يومًا تقريباً.
- كمية الجرعة: تحدد كمية الجرعة التي يتم تعاطيها مدة العلاج؛ فكلما كانت الجرعات كبيرة، كلما احتاج المريض لفترة زمنية أطول للتخلص منها.
3. الحالة الصحية والأمراض المصاحبة (التشخيص المزدوج)
العلاقة بين صحة الجسد وفترة التعافي علاقة قوية ومترابطة.
- التأثير: سوء الحالة الصحية، وما يعانيه المريض من أمراض نفسية وجسدية ناتجة عن تعاطي المخدر، يحتاج لفترة علاجية أطول.
- الجانب النفسي: إذا كان المريض يعاني من أعراض نفسية حادة (مثل الهلاوس والضلالات أو الاكتئاب والانفصام)، فإنه يحتاج إلى الدخول في وحدة التشخيص المزدوج لعلاج الأمراض النفسية المترتبة على الإدمان، وهذا يطيل المدة.
4. العوامل البيولوجية (العمر والوزن والجنس)
تؤثر العوامل البيولوجية الفردية للمريض بشكل مباشر على مدة التعافي.
- العمر: المريض صغير السن لديه قدرة أكبر على الشفاء في فترة زمنية أقل. بينما يحتاج المريض المتقدم في العمر فترة أطول لتخليص جسمه من سموم المخدر.
- الوزن: يعاني مريض السمنة أو الوزن الزائد من صعوبات أكبر، حيث إن الخلايا الدهنية موطن مناسب لتخزين السموم، مما يزيد من امتصاص المخدر ويصعّب التخلص من هذه السموم، وبالتالي تطول مدة العلاج.
- الجنس: تحتاج النساء فترة أطول للتخلص من المخدرات مقارنة بالرجال، ويعود ذلك إلى تراكم نسبة الدهون بنسبة أكبر في أجسامهن.
5. استجابة المريض وإرادته الداخلية
تعتبر إرادة المريض وعزيمته الداخلية “العامل السحري” في تقليل فترة العلاج.
- الشرح: كلما كان المدمن قوياً ومصمماً على هزيمة المخدر، كلما كان جسمه أكثر استجابة للأدوية والخطط العلاجية. وعلى النقيض، فإن المريض الذي يشعر بالضعف أو الإنهزامية دون وازع داخلي للتعافي، قد تطول فترة علاجه أو تنتهي بالفشل.
استراتيجيات فعالة لتقليل مدة علاج الإدمان وضمان التعافي
إن هدفنا كأطباء مختصين هو تقليل مدة علاج الإدمان قدر المستطاع، مع ضمان جودة التعافي ومنع الانتكاسة. هناك عدة عوامل مؤثرة في فترة العلاج يمكن توفيرها لتقليل المدة وتسهيلها.
1. السرعة في طلب المساعدة واللجوء للمتخصصين
الإسراع في تلقي العلاج يقلل من تأثير المخدر على صحة المريض ويقلل من مدة العلاج بشكل فعال. فكلما تم علاج مدمن المخدرات بسرعة، كلما استغرق فترة زمنية أقل.
- ملاحظة هامة: العلاج في المنزل يشكل مجازفة كبيرة، وقد يعرض الشخص لخطر التعاطي أثناء أعراض الانسحاب، مما يقلل من استجابته ويجعل العلاج يستغرق فترة زمنية أطول (قد تتعدى الستة شهور).
2. الالتزام الصارم بالبرنامج العلاجي المُتخصص
الالتزام الكامل بجميع التوجيهات وتنفيذ تعليمات الطاقم الطبي بدقة يساهم في سلاسة وسرعة سريان البرنامج العلاجي. ويجب على المتعاطي الامتناع عن تناول أي جرعة من المخدر، ولو كانت بسيطة، لأن ذلك قد يؤدي إلى تراجع الحالة الصحية ويُطيل من فترة العلاج.
3. الدعم الأسري والاجتماعي المحيط
وجود الدعم والمساندة من أفراد الأسرة والمحيطين يُعد عاملاً محفزاً للمريض على مقاومة الإدمان وتخطي مدة العلاج بسهولة. يجب على الأسرة توفير الدعم المادي والمعنوي وعدم توجيه اللوم خلال هذه الفترة الحساسة.
4. ضمان جودة المركز العلاجي وتقديم خدمة متخصصة
اللجوء إلى مكان مناسب يتميز بسمعة جيدة، وخبرة عالية، ومستوى راقٍ، ويقدم أفضل الخدمات الطبية والعلاجية، يساهم وبشكل فعال في نجاح رحلة التعافي وعدم العودة مرة ثانية. مستشفى بريق، على سبيل المثال، تمتلك خبرة 15 عاماً في هذا المجال.
- لتحقيق تعافٍ مستدام، يجب التأكد من الخضوع لبرنامج علاجي متكامل يمر بمراحل سحب السموم والعلاج النفسي والتأهيل الاجتماعي، وهو ما يعزز مقاومة أفكار التعاطي وكيفية العيش بدون مخدر.
أسئلة شائعة حول كم مدة علاج الادمان في المستشفى
س: ما هي مدة العلاج في المتوسط؟
ج: في أغلب مصحات علاج الإدمان المتخصصة، تتراوح المدة الإجمالية لعلاج الإدمان ما بين 3 إلى 6 أشهر، وقد تصل إلى 12 شهرًا في بعض الحالات. هذه المدة تُقسم بين فترة سحب السموم (3-15 يوماً في المتوسط) والعلاج النفسي والتأهيلي (3-6 أشهر).
س: هل طول فترة علاج الإدمان يؤثر على التعافي التام؟
ج: نعم، كلما زادت فترة العلاج، كلما وصل المريض إلى الشفاء التام وقلت نسب تعرضه للانتكاسة. الفترة الأطول تساعد المريض على اكتساب سلوكيات صحية واندماج أكبر في البيئة العلاجية الداعمة.
س: هل يستطيع المدمن ترك المخدرات بدون علاج؟
ج: للأسف، هذه معلومة خاطئة وغير صحيحة. الإقلاع عن الإدمان بمفرده أمر في غاية الخطورة. يحتاج المدمن إلى العلاج ولمدة كافية للتوقف تماماً عن إدمان المخدرات وعدم الرجوع مرة أخرى.
س: متى يعود المخ لوظائفه الطبيعية بعد التعافي؟
ج: المخ يتضرر بشدة بسبب التعاطي والإدمان. مستوى هرمون الدوبامين في المخ يرجع طبيعيًا من ناحية إفرازه بعد مدة تتراوح بين عام إلى عامين على الأكثر. بينما يعود المخ بكامل نشاطه تدريجياً، وقد يستغرق ذلك 6 أشهر وقد يستمر عدة سنوات حسب المدة الإدمانية ونوع المخدرات.
كم مدة علاج الإدمان في المستشفى
إن تحديد كم مدة علاج الإدمان في المستشفى يعتمد بشكل أساسي على مدى تعقيد الحالة، ويجب أن نعلم أن مدة العلاج هي رحلة مرنة تتراوح عادةً بين 3 إلى 6 أشهر. تذكر أن العلاج لا يرتبط بفترة معينة وإنما بالنتائج التي يحققها المريض والوصول إلى الشفاء.
إن الاستثمار في فترة علاج كافية وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي، والالتزام بالبروتوكول العلاجي كاملاً، هي أهم عوامل تقليل مدة العلاج وضمان التعافي التام. لا تتعامل مع مدة العلاج كـ “حمل ثقيل”، بل كـ “استثمار” في حياة جديدة صحية ومستدامة.
إذا كنت أنت أو أحد أفراد عائلتك يواجه صعوبة في اتخاذ قرار العلاج، أو كان يرفض العلاج (وخاصة في حالات اليأس التام أو التشخيص المزدوج)، فإن اللجوء السريع إلى فريق طبي متخصص هو الخطوة الأولى.
للحصول على استشارة مجانية في سرية تامة وتحديد الخطة العلاجية المناسبة لحالتك بناءً على العوامل الفردية، تواصل معنا الآن.
قد يهمك أيضاً:







