خلال السنوات الأخيرة، واجهت المجتمعات العربية الكثير من التحديات الكبيرة في مجال الإدمان وعلاجه والتوعية بخصوص تلك الظاهرة الخطيرة التي تهدد هذه المجتمعات، و في القلب من المجتمعات العربية، المجتمع المصري بالتأكيد، إلا إن الجهود التي تتم في الحد من ظاهرة الإدمان تواجهها تحديات أخرى وكبرى، ومن ضمنها انتشار بعض المخدرات الجديدة والتي لها آثارها الخطيرة على مصر والمجتمع المصري، ومن ضمن هذه المخدرات مخدر الاستروكس، الذي نحاول إلقاء الضوء عليه في هذا المقال الذي يتناول في الأساس انتشار مخدر الاستروكس في مصر، وأخطاره على فئات المجتمع خاصة الشباب وكيفية علاجه.
ولعل الحافز من التوعية بضرورة مواجهة مخدر الاستروكس، هي أخطاره الكبيرة على المجتمع، فمن حيث الإحصائيات، تدل الجرائم التي تم ارتكابها في خلال الفترة الأخيرة والتي تتميز بالعنف والغرابة و اللامعقولية في بعض الأحيان وجود سر وراء تلك الجرائم، وهذا السر هو خطورة الاستروكس على المدمنين عليه، لذلك نتناول في خلال النقطة التالية أخطار مخدر الاستروكس بالتفصيل، لوضوح مدى خطورة انتشار مخدر الاستروكس في مصر وغيرها من الدول.
أخطار انتشار مخدر الاستروكس في مصر
مخدر الاستروكس، مثله مثل باقي المخدرات المنتشرة خلال الفترة الاخيرة، لها أخطارها على الناحية الصحية، عضوياً ونفسياً وعقلياً، ذلك لأن نوع الاستروكس وغيره من المخدرات الاصطناعية يدمر المخ أكبر بكثير من تأثير المخدرات التقليدية كالحشيش والبانجو والهيروين والكوكايين وغيرها،
لذلك حري بنا أن نوضح تلك الاخطار بالتفصيل من الناحية العضوية أولاً ثم الناحية النفسية والعقلية ثانيا،
لتوضيح مدى خطر انتشار مخدر الاستروكس في مصر، وذلك من خلال العرض التالي:
الأخطار الصحية من الناحية العضوية
يعتبر مخدر الاستروكس من المخدرات الخطيرة للغاية من الناحية العضوية، وذلك بسبب ما ينتج عنه الاستروكس من مخاطر وآثار جانبية مثل:
– الاضطرابات في كلا الجهازين الهضمي والتنفسي على السواء وهي من أخطر الجوانب، حيث يقوم الاستروكس على تدمير خلايا المعدة والأمعاء بعد فترة من إدمان المخدر، هذا من ناحية، والناحية الأخرى، تعرض المعدة إلى عدة تقرحات والتهابات عنيفة، كذلك الجهاز التنفسي الذي يتعرض للاضطرابات العنيفة مثل تدمير خلايا الشعب الهوائية، مما يدمر الرئتين بعد فترة كبير من الإدمان.
– تدمير خلايا المخ، خاصة المسئولة عن الإحساس والشعور والحركة، وبالتالي التحكم في الوعي بشكل كبير، هذا إلى جانب تغييب هذا الوعي، هذا إلى جانب الحالة المزاجية السيئة التي يشعر بها المدمن بشكل دائم، والصداع المستمر.
– التعرض إلى الجلطات، سواء الجلطات في المخ او القلب، وذلك بسبب ان مخدر الاستروكس، يقوم بالتحكم في الدورة الدموية، و تغيير كيمياء المخ بشكل كامل، وهو ما يؤدي بالتأكيد إلى التعرض للجلطات الدماغية الخطيرة.
– إضعاف عضلة القلب، وانسداد الشرايين الهامة الواصلة من وإلى القلب، وهو ما يؤدي إلى الأزمات القلبية المفاجئة والعنيفة والتي تؤدي إلى الموت الفجائي.
نتيجة لامتصاص المادة الفعّالة للاستروكس للعظام ، فهذا يؤدي بالتاكيد إلى هشاشة وضعف عام في العظام، وهذا ما يؤدي بالتأكيد إلى ضعف وهزال عام في العظام، والتعرض غلى الكسور المضاعفة الخطيرة في مستقبل المدمن.
هناك خطر داهم أيضاً من الناحية العضوية، هو أن مخدر الاستروكس، يقوم بتدمير العناصر الهامة المفيدة للجسم، مثل الكالسيوم بالنسبة للعظام، أو الحديد بالنسبة لخلايا الدم، او بالنسبة لأعضاء الجسم المختلفة،
وهو ما يؤثر على الجسم بشكل عام، حيث يعاني مدمن الاستروكس من ضعف عام في الجسم بسبب عدم وجود العناصر الهامة تلك في جسم المدمن.
الإصابة بالشلل الرعاش، بسبب التعرض للجلطات الدماغية وغيرها بسبب إدمان مخدر الاستروكس، كما يقوم بالسيطرة على خلايا المخ المسئولة على الحركة خاصة في الأطراف وغيرها من أعضاء الجسم، لذلك يتعرض المدمن بعد فترة من إدمانه للشلل الرعاش.
الأخطار النفسية المترتبة على ادمان الاستروكس
من الأخطار المترتبة على انتشار مخدر الاستروكس في مصر، هي الأخطار النفسية والعقلية التي تترتب بسبب إدمان الاستروكس، والتي تعتبر أشد من الأخطار العضوية أو الصحية وذلك بسبب انها مرتبطة بتغير السلوك، وميل المدمن إلى ارتكاب الجرائم المختلفة، مما يهدد الفرد والمجتمع، وتزيد الأخطار المحدقة بالمجتمع، ونتناول هذه التغيرات العقلية والنفسية خلال النقاط التالية:
– الإصابة بالإكتئاب الحاد، الذي يؤثر على سلوك الانسان بالسلب، سواء في نظرته تجاه نفسه أو تجاه الغير، وهو ما يؤدي إلى تغيير السلوك، والتفكير الدائم في الانتحار والتخلص من الحياة، وذلك من تأثير مخدر الاستروكس على خلايا المخ.
– تعرض مدمن الاستروكس بعد فترة من الإدمان بالأمراض العقلية التي لها تأثير سلبي على الوعي والسلوك، ومن هذه الأمراض، مرض البارانويا المرضية بشتى انواعها، وهي تعني الاحسا ببعض المشاعر السلبية بشكل مرضي مزمن ومتزايد بدون ان يكون هناك شيئاً من ذلك في الحقيقة مثل الاحساس بالاضطهاد والشك في الآخرين، والاحساس بأن الغير ينظر إلى المدمن بنظرة كراهية وغيرها، وهذه لها نتائج سلبية خطيرة على مدمن الاستروكس والمجتمع المحيط به كما سنرى في النقطة التالية.
– القلق والتوتر المستمرين على الدوام، وهذه الأمراض المزمنة تغير السلوك إلى الأسوأ ويبدأ مدمن الأستروكس في التعامل بمزيد من العنف والإيذاء تجاه المجتمع والمحيطين به.
– الإصابة ببعض الأمراض العقلية الاخرى وتعتبر من الأعراض الظاهرية الواضحة على إدمان الاستروكس، مثل الهذيان والذهان، والهلاوس السمعية والبصرية، والخيالات المرضية المحيطة به، وهو ما يؤدي به إلى مزيد من السلوك الغريب والعنيف بعد ذلك. هذه الأمراض العقلية والنفسية الحادة والمزمنة، تدفع الفرد المدمن إلى مزيد من العنف الزائد، ولعل هذه من أهم المظاهر التي ظهرت جراء ونتيجة انتشار مخدر الاستروكس في مصر خلال الفترة الأخيرة.
زيادة الجرائم هي الخطر الحقيقي لانتشار مخدر الاستروكس في مصر
خلال السنوات الأخيرة، انتشرت الجرائم في المجتمع المصري، وقد قامت العديد من الدراسات الأمنية والجنائية حول أسباب تلك الجرائم، فوجدت ان العديد من الأسباب تتشابك في زيادة تلك الجرائم، إلا أن السبب الرئيسي في ذلك انتشار المخدرات في مصر.
ولعل انتشار المخدرات في المجتمع المصري ليس جديداً، بل انه قديم، لكن المخدرات لم تكن تسبب الجرائم المتزايدة في المجتمع بهذه الطريقة أو هذا الشكل، وهو ما يعني ان هناك تطوراً كبيراً في صناعة تلك المخدرات نفسها.
فقد أظهرت الدراسات المختلفة، أن مخدر الاستروكس من المخدرات الاصطناعية ذات ضرر كبير على وعي الإنسان، وتقوم بتغييبه بشكل كلي وكامل، مما يجعله تحت رحمة تأثيرها، هذا من ناحية، بالإضافة، إلا أن هذا التاثير يفوق خطر أشد المخدرات قديماً مثل الكوكايين والهيروين، والحشيش والترامادول والأفيون وغيرها من المخدرات التي لها تأثيرات على وعي الإنسان.
هذه المخدرات الاصطناعية والمعدلة كيميائياً في المعامل، انتشرت بطرق عديدة سواء في مصر أو المجتمعات العربية الاخرى، ففي خلال العامين السابقين، انتشرت سريعاً جرعات الاستروكس بين الفئات العليا في المجتمع، ثم انتقلت إلى المجتمع كله بسبب رخص ثمنها نسبياً، ولأنها لم تكن مجرمة قانونياً في السابق.
في نهاية الأمر، نجد هناك محاولات جدية من أجل الحد من انتشار مخدر الاستروكس في مصر، من حيث القضاء على تلك التجارة، وتجريمها قانونياً بأشد العقوبات الممكنة في القانون المصري، هذا إلى جانب الدور الإعلامي والتوعوي، لمعرفة الأخطار الناجمة عن مخدر الاستركس وادمانه، والتي تعتبر هذه المقالة قدمت جزءًا ولو يسيراً في هذا الدور.
شاهد ايضا :