عندما يطرح التحليل النفسي مشكلة الإدمان فإنه يتم طرحها كغيرها من المشكلات التي تعتري السلوك الإنساني، وذلك اعتمادًا على مبدأ أن لكل سلوك سبب، وأنه يخضع لحتمية معينة تكمن في التفاعل بين الفرد وبيئته، كما أن للسلوك دلالة ومعنى يتضح من خلالها تكوين الفرد وبناء شخصيته، كما أن له وظيفة تحقق للفرد إشباعاً معينًا وخفضاً لقلقه وتوتراته.
التحليل النفسي لمشكلة الادمان
فالتحليل النفسي يعتبر المشكلة ليست في المخدر وإنما في الدافع إلى استعماله، وذلك ترجع أسباب الإدمان عندهم إلى صراعات نفسية والثاني الآثار الكيميائية للمخدر، ويرى بأن نوع المخدر ليس في المقام الأول من الأهمية وإنما الأكثر أهمية هو تغير إدراك الواقع الذي يحدثه المخدرات، كما يرى التحليل النفسي إن الاستعداد لتعاطي المخدر موجود قبل خبرة التخدير.
تفسير مشكلة الإدمان يقول أخصائيو علم النفس:
“أن الإدمان يعود إلى التثبيت الذي يحدث على المرحلة الفمية نتيجة الشعور بالحرمان وعدم إشباع بعض الدوافع المتعلقة بالطعام والشراب، إذ أن المدمن يعاني من إحساس بالحرمان في مرحلة الطفولة نتيجة للعوامل الأسرية أو الفقر المادي أو حتى الفقر العاطفي، لقد ظهر عند تحليل المدمنين بأن معظمهم قد توقف نموهم النفسي الجنسي، أو ارتد إلى مراحل طفلية أو بدائية يرجع ذلك إلى الفشل في العلاقات الأولي بين الطفل ووالديه وعدم إشباع حاجاته الأساسية في مرحلة الطفولة ، ونتيجة للشعور بالفشل فإن الطفل يفقد القدرة على إدراك وتعلم أن جميع حاجاته لا يمكن إشباعها في الواقع، ويرى في الأشياء الأخرى وسائط إشباع لهذه الحاجات”.
التحليل النفسي لمشكلة الادمان
ونتيجة لتوقف النمو النفسي الجنسي تأخذ الحاجات والرغبات الفمية المقام الأول من النشاط، كما تصبح اللذة الجنسية التناسلية بعيدة عن الاهتمام، ولكن الواقع لا يسمح بإشباع تلك الحاجات على المستوى الفمي، فإن ذلك يسبب الإحباط ومن ثم يستجيب الشخص لهذا الإحباط بعدوان يتجه غالباً نحو الوالدين وخاصة الأم، كما قد يرجع هذا العدوان نحو الذات متضمناً الرغبات التدميرية لحياة الشخص حيث يتجه لتعاطي المخدر كنوع من العقاب يوقعه المدمن على نفسه جزاء له على مشاعره العدوانية وتغيير البيئة بما يتفق مع دوافعه اللاشعورية ، كما أنه يصب عدوانه أيضا على البيئة الخارجية وليس على نفسه، فالأمر ينتقل من العدوان الذاتي إلى العدوان المجتمعي والعدوان على المجتمع كله.
التأثيرات التي تسببها المواد المخدرة:
وحسب وجهة النظر التحليلية فإن تعاطي المخدر يقوم بالعديد من الوظائف، فالشعور بالإحباط يقلل بالنشوة، فيما تسبب المخدرات شعورًا بالاستمتاع الناتج عن تحريف الواقع الذي تحدثه تأثيرات المخدر، ولما كان تعاطي المخدر عدوانًا على محرمات دينية وقانونية تسبب الإثم ولما كانت نتائج استخدام المخدر ضارة بالفرد من جميع النواحي فإن باستخدامه يدمر الفرد نفسه ويكفر عن مشاعر الإثم في نفس الوقت، ويرى المحللون النفسيون أن المدمن لا يشعر فقط بالإحباط والعدوان وإنما يعاني أيضاً من الاكتئاب الذي يحاول التخلص منه بتعاطي المخدر، إن مدمني المخدرات تنطوي نفوسهم على اضطراب نفسي عميق، تشبه أعراضه أعراض المرض النفسي أو العقلي، وأحيانا تكون أكثر حدة.
التحليل النفسي لمشكلة الادمان
وإذا تأملنا في شخصية المدمن بطريقة أكثر دقة نجد أنه غير راضٍ عن حياته التي وضع نفسه فيها، وأنه يريد التغيير ويفكر فيه في بعض الأوقات ولكن سرعان ما يعود مرة ثانية؛ لأنه لا يقوى على البعد عن المخدرات ، فهو بذلك يضع نفسه بين خيارين من الصعب اختيار أحدهما بالطريقة العقلية وإنما دائمًا تنتصر عليه الشهوة واللذة والشعور بالمتعة.
قد يهمك أيضاً: