تعتمد خدمات علاج الادمان ، على العديد من الأسس والمسلمات التي لابد أن تكون من بديهيات البرامج العلاجية التي أسسها الأطباء والمعالجين على مدار السنوات السابقة، والتي ساهمت بالفعل في تطوير خدمات علاج الادمان ، وجعلته مواكباً للتطورات الأخيرة التي لابد أن توجد على مستوى مواكبة أنواع المخدرات المدمرة التي تظهر على الساحة، أو على المستويات الاجتماعية والاقتصادية التي توجد في العديد من دول العالم، والتي تساهم في ظهور ظاهرة الادمان وتفاقمها في الكثير من الأحيان.
وفي هذا المقال نتحدث عن خدمات علاج الادمان ، من حيث تناول العديد من البرامج العلاجية التي تعتبر جزء كبير من خدمات علاج الادمان، مثل برامج ازالة السموم من الجسم بدون ألم، وبرنامج العلاج النفسي السلوكي وبرنامج اعادة التأهيل النفسي السلوكي، وبرنامج الرعاية اللاحقة، ونتحدث من خلال هذه البرامج على عناصرها وطريقة عملها في علاج الادمان، وقبل التحدث عن هذه البرامج العلاجية، نتحدث عن خطوات فعالية برامج خدمات علاج الادمان ، والاسس والمسلمات التي ينبغي ان تتوافر في خدمات علاج الادمان ، وذلك خلال النقاط التالية.
أسس ومسلمات خدمات علاج الادمان:
المقصود بخدمات علاج الادمان ، مجموعة من الإجراءات التي لابد من إتباعها من أجل العلاج وتوقف تدهور الشخص المدمن من الناحية العضوية والنفسية والسلوكية والذي يعتبر من نتائج إدمان المخدرات، وهذه في النهاية تعتبر من أهداف برامج خدمات علاج الادمان، ونتعرف من خلال النقاط القادمة برامج العلاج، وما هي الأسس والمسلمات التي توجد في هذه البرامج العلاجية.و قبل الحديث عن عن البرامج العلاجية التي تتكون منها خدمات علاج الادمان ، لابد من عرض شامل للأسس والمسلمات التي تتكون منها خدمات علاج الادمان ، ومن هذه الأسس:
- التعامل مع ظاهرة الادمان أنها ظاهرة مرضية يجب فيها العلاج، لها الكثير من الأعراض والاضطرابات العضوية والنفسية والاجتماعية، ولابد من علاج تلك الأعراض من خلال خطط علاجية أو برامج علاجية، وتعتبر من أسس هذه البرامج العلاجية.
- الهدف الأساسي من برامج خدمات علاج الادمان ، هو الإقلاع عن إدمان المخدرات، كخطوة أولى ثم تهيئة المدمن المتعافي مع الحياة الجديدة سلوكياً ونفسياً، والدخول مرة أخرى إلى النسيج الطبيعي للمجتمع من خلال الأنشطة الإجتماعية، والاعتياد على سلوكيات أخرى تكون أساساً للحياة الجديدة، البعيدة عن الإدمان وسلوكياته السابقة.
- إعتماد البرامج العلاجية في مصحات علاج الادمان من المخدرات على فريق عمل متكامل يتكون من طبيب نفسي، بالإضافة إلى الإخصائي النفسي والإجتماعي وطاقم التمريض، وهذا هو الفريق المثالي في معظم البرامج العلاجية، وهناك بعض البرامج تدخل عنصر الأسرة و المدمنين المتعافين في الجلسات الجماعية وهم جزء أساسي في هذه البرامج العلاجية.
- لا يقتصر العلاج خاصة في المراحل التي تهتم بالجلسات الفردية والجماعية للتعديل النفسي والسلوكي على المرضى فقط، بل تعتمد أيضاً على الأسرة، وتوعيتها، وإدماجها في برامج العلاج، حتى يصل أفراد الاسرة إلى التعامل الصحيح مع المرضى.
- ضرورة التقويم المستمر للنتائج الإيجابية والسلبية للبرامج العلاجية، وذلك باخضاعها للدراسات، والكثير من التجارب الدوائية والعلاجية، وذلك من أجل تطويرها، ومواكبتها لأهم التطورات على الساحة العلاجية، سواء على مستوى الأدوية الحديثة، أو على مستوى الطب النفسي وأسس وقواعد تعديل السلوك.
- لابد أن تكون البرامج العلاجية شاملة، للعلاج الطبي الدوائي، والعلاج النفسي وتعديل السلوك، وبرامج ما بعد التعافي، أو الوقاية من الانتكاسة، والعلاج الفردي والجماعي، وتنوع هذا العلاج يضمن شمول البرامج العلاجية، ويضمن أيضاً الأسس والأهداف النهائية لخدمات علاج الادمان .
البرامج العلاجية لخدمات علاج الادمان:
في هذه النقطة والنقاط التالية نتحدث عن أهم البرامج العلاجية التي تشمل خدمات علاج الادمان ، فبعد ان تحدثنا عن أسس وأهداف البرامج العلاجية، نتحدث عن تلك البرامج العلاجية وأهم الطرق العلاجية التي تساعد المدمنين على التعافي من خلالها، ونبدأ في البرنامج العلاجي التالي:
برنامج ازالة السموم من الجسم بدون ألم.. برنامج ضروري ونتائجه خطيرة:
- يعتبر هذا البرنامج، متداخل مع العديد من البرامج الاخرى، بل يعتبر الأساس الأول في علاج الادمان، وهو الذي يعتمد على تنقية الجسم من سموم المخدرات عن طريق طرق علاجية ودوائية آمنة ومتداولة تعمل على تنقية الجسم من سموم المخدرات، وهذه العلاجات الدوائية تهدف إلى تنقية الجسم من السموم بدون الإحساس بالألم، وهذا البرنامج يعتمد في طريقة وآلية عمله على:
- تحليل فوري للدم والبول، ومعرفة نوع المخدرات، وإلى أي مدى تمكنت المخدرات من أعضاء الجسم من خلال الكشف والفحص الأولي للمدمن، وذلك من تحاليل البول والدم التي تقوم بها مستشفيات علاج الادمان والمصحات العلاجية.
- يعتمد برنامج ازالة السموم من الجسم بدون ألم، على أدوية آمنة للجسم، لكن هذه الأدوية يحددها الطبيب بناء على العديد من العوامل الهامة التي من ضمنها، الحالة الوظيفية للجسم، نوع المخدرات، ودرجة الإدمان للمدمن، ووضع الخطة العلاجية والبرتوكول الدوائي على هذا الأساس، ومن ثم البدء في العلاج بعد مرور من 8 إلى 12 ساعة من آخر الجرعات التي تم تناولها من المخدر.
- يقوم برنامج ازالة السموم من الجسم بدون ألم، على خطة علاجية من الأدوية لا تتعدى الأسبوع في بعض الحالات، لكن هذه المدة غير مثالية، وذلك بسبب العديد من العوامل ومنها الحالة الإدمانية والحالة الوظيفية، ونوع المخدرات، ووجود أمراض مزمنة لمريض الإدمان من عدمه، وغيرها من العوامل.
- نتائج برنامج ازالة السموم من الجسم بدون ألم، في غالب الأحيان جيدة، وتهدف في النهاية إلى إخراج السموم من الجسم، وتهيئة المريض للعلاج التالي، وهو علاج الأعراض الانسحابية، والتي تظهر خلال تلك المرحلة، وتكون شديدة في غالب الأحيان.
- تكمن خطورة نتائج برنامج ازالة السموم من الجسم بدون ألم، في كونها هامة للغاية من اجل البرامج العلاجية التالية، أو الخطوات الآتية في علاج الإدمان، لأنها تعتبر الأساس في علاج الإدمان، لذلك لابد من الحذر مع هذه المرحلة، وإختيار الفريق الطبي الجيد من أجل إجتياز هذا البرنامج العلاجي وتطبيقه بخطوات علمية وتنفيذية جيدة.
برنامج العلاج النفسي السلوكي .. خطوة علاجية هامة في طريق التعافي:
يعتبر برنامج العلاج النفسي السلوكي، من أهم البرامج العلاجية، في رحلة علاج الإدمان، لأن أهدافه تعمل تهيئة المدمن الخاضع للعلاج للحياة الجديدة، من خلال زرع بعض السلوكيات الخاصة للحياة الجديدة البعيدة عن الإدمان والسلوكيات المرتبطة به، وتتلخص أهداف برنامج العلاج النفسي السلوكي على النقاط التالية:
- تعلم المدمن من خلاله على العديد من المهارات والسلوكيات الخاصة التي تهدف إلى حل المشكلات الحياتية والضغوط التي يتعرض لها بعيداً عن اللجوء إلى إدمان المخدرات.
- تغيير الأفكار السلبية والصور الذهنية والمفاهيم الخاصة بعلاج الإدمان، وتغيير الاعتقادات المرتبطة بعلاج الادمان، ومحاولة تغييرها إلى بعض المفاهيم الجديدة التي تعمل على تهيئة المدمن الخاضع للعلاج إلى الاندماج مرة أخرى في الأنشطة الاجتماعية، ومن ثم تغيير سلوكياته إلى الأفضل، وعدم اللجوء إلى المخدرات، والعزلة عن المجتمع مرة أخرى، لأن العزلة سبب رئيسي في إدمان الفرد.
- يعتمد البرنامج النفسي السلوكي، على الاستشارات النفسية سواء الفردية او الجماعية، والتي تقوم بعلاج بعض الأمراض النفسية، أو الآثار السلبية الناتجة عن إدمان المخدرات، والمدة المثالية لهذا البرنامج من ثلاثة إلى ستة أشهر، وقد تزيد عن تلك المدة حسب الخطة العلاجية واستجابة المريض للعلاج.
برنامج اعادة التأهيل النفسي السلوكي.. تغيير شامل للفرد وانتقاله إلى حياة أخرى:
في الحقيقة أن برنامج اعادة التأهيل النفسي السلوكي، من البرامج الهامة في رحلة علاج الإدمان، إلا أنه لا يعتبر برنامجاً واحدا، بل إنه العديد من البرامج التي تندرج تحت عنوان عريض وهو اعادة التأهيل النفسي السلوكي للفرد بل للاسرة والمجتمع المحيط بمريض الإدمان، أو الخاضع للعلاج، والذي يلتمس طريقه نحو التعافي، وقبل الخوض في بعض النقاط المختصرة التي تبين أهمية برنامج اعادة التأهيل النفسي والسلوكي وأهم البرامج التي تندرج منه، نتحدث عن تعريف خاص لإعادة التأهيل النفسي السلوكي.
يعُرف برنامج اعادة التأهيل النفسي السلوكي، بإستخدام أساليب مختلفة من العلاج او البرامج العلاجية، والتي تهدف جميعها إلى خلق بيئة اجتماعية مناسبة يعيش فيها المدمنين والذين يعانون من تعاطي المواد المخدرة، وتأثرهم بالآثار النفسية السلبية الخطيرة للإدمان، وتهيئة البيئة هذه من أجل دمجهم مرة أخرى في الحياة، وتعليمهم المهارات والسلوكيات الخاصة بها، عن طريق أخذ الخبرة من المدمنين السابقين، من خلال الجلسات الجماعية، ومن خلال المجموعات العلاجية التي تهدف إلى التوعية، ومقاومة الرغبة مرة أخرى للعودة إلى إدمان المخدرات.
أما عن أهم البرامج المندرجة تحت هذا التعريف السابق، أو برنامج اعادة التأهيل النفسي والسلوكي فهي كالتالي:
- برنامج الدعم الذاتي، وهو برنامج شامل لإعادة التأهيل، ويعتمد على العديد من العناصر منها تأهيل المدمنين من خلال التوعية، مع توعية الاسرة وإدماجها في مراحل العلاج المختلفة، وهو من أهم البرامج المعتمدة على الخبرات المتراكمة للمدمنين السابقين ونقلها إلى المدمنين الخاضعين للعلاج.
- أسلوب علاج المجتمع العلاجي، وهي عبارة عن مجموعات علاجية تجمع الناس ذات الخبرة الواحدة، والثقافة واللغة الواحدة، ويعتمد هذا الأسلوب العلاجي على التعاون فيما بين أعضاء المجموعة على المستوى الاجتماعي والسلوكي والوجداني والذهني، وهو من أكثر الأساليب العلاجية تأثيراً في برنامج اعادة التأهيل النفسي والسلوكي.
- برنامج العلاج الجمعي، والذي يعتمد على تقليل السلطة الأبوية من خلال الجلسات الفردية، وإبدالها بمميزات وتقنيات المجموعة العلاجية، ويعتبر هذا البرنامج خاص بالأطفال والمراهقين المدمنين، ومفيد لهم للغاية.
برنامج الرعاية اللاحقه.. عنصراً أساسياً في جميع الخطط العلاجية:
يعتبر برنامج الرعاية اللاحقه، من البرامج التي توجد في جميع برامج العلاج، ويهدف إلى تعزيز العملية العلاجية، التي يتلقاها المدمن المتعافي، وبذلك يمكن تعريف برنامج الرعاية اللاحقه على إنه المرحلة الأخيرة من رحلة علاج الإدمان، والتي تستهدف الدعم المعنوي والنفسي والعلاجي للمدمن المتعافي وتهيئة أسرته بعد الخروج من المصحة العلاجية.
ويعتبر برنامج الرعاية اللاحقه مناسباً للفئات التالية من المدمنين ومفيد للغاية أثناء علاجهم:
- المدمنين المتعافين بعد مراحل العلاج المختلفة.
- المنحرفين من الشباب والمراهقين.
- الأطفال والزوجات والأشخاص الذين يعانون من آثار سلبية في التعامل المجتمعي.
- المرضى المصابين ببعض انواع الاكتئاب والأمراض النفسية المختلفة.
- المرضى المصابين بإدمان الطعام، او أصحاب الأوزان غير الطبيعية.
- كبار السن، الذين يعانون من سوء المعاملة من قبل الأبناء، والمودعين في مراكز المسنين.
أما عن أهداف برنامج الرعاية اللاحقه:
- توفير الرعاية النفسية والسلوكية اللازمة للفئات المستهدفة من العلاج.
- تقوية الوازع الأخلاقي والديني من أجل عدم الرجوع إلى المخدرات مرة أخرى.
- تحسين علاقة المدمن المتعافي مع أسرته وعائلته وأصدقائه ومجتمعه المحيط.
- مساعدة المدمن المتعافي على مواجهة المشكلات والضغوط الحياتية وتعليمه طريقة حلها، بعيدا عن اللجوء مرة أخرى إلى المخدرات.
في نهاية هذا المقال، علينا معرفة ان خدمات علاج الادمان ، متشعبة، و تحتوي على العديد من الوسائل الحديثة مثل الخطوط التليفونية الساخنة، والبرامج التي تعدها الدولة من أجل محاربة الإدمان مثل برامج التأهيل الخاصة بالسجناء، او برامج تأهيل الشباب في الجامعات والذين أصيبوا بهذه الظاهرة الخطيرة، وغيرها من البرامج والوسائل، وهو ما يعتبر إبداعا جديداً في الوسائل لمحاربة ظاهرة الإدمان.
شاهد ايضا :