اضطراب الشخصية الحدية اضطراب عقلي يؤثر على حياة المريض بصورة كبيرة سواء في طريقة تفكيره أو علاقته بالآخرين، فهيا نتعرف على أهم أعراضه وطرق علاجه.
اضطراب الشخصية الحدية (BPD) Borderline personality disorder
هو أحد الاضطرابات العقلية التي تؤثر بشكل كبير في مشاعر المريض وطريقة تفكيره تجاه نفسه والآخرين.
ويزداد الاضطراب سوءا مع تعارض إحساس المريض بأفعاله وسلوكه وما يترتب عليها من نتائج عكسية.
فنجد أنه مثلا قد يخاف المريض من الشعور بالوحدة وابتعاد الآخرين عنه، في حين أن سلوكه العنيف واندفاعه غير المبرر قد يكونوا من أسباب هجر الآخرين له.
ويبدأ هذا الاضطراب في الغالب مع مرحلة البلوغ وقد يزداد حدة خلال مرحلة الشباب، ولكن قد يتحسن الكثير من المرضى مع التقدم في العمر خاصة مع الالتزام بالعلاج المحدد والمناسب لكل حالة.
أعراض اضطراب الشخصية الحدية
كما سبق وأشرنا فإن اضطراب الشخصية الحدية أحد الاضطرابات العقلية التي تؤثر بشكل كبير على مشاعر وطريقة تفكير المريض وبالتالي على نمط حياته بشكل عام وعلاقته بالآخرين.
وهناك العديد من الأعراض المرتبطة بهذا الاضطراب والتي يمكن تصنيفها بشكل أساسي في أربع أعراض رئيسة هي
- اضطراب التفكير والإدراك أو التشوهات المعرفية cognitive distortions والإدراكية perceptual distortions.
- الاضطراب العاطفي emotional instability أو عدم التنظيم العاطفي affective dysregulation
- السلوك المندفع أو غير المتزن.
- الحصول على علاقات كثيرة ولكن غير مستقرة مع الآخرين.
اضطراب التفكير والإدراك
هناك بعض الاضطرابات في نمط التفكير المعرفي والإدراكي التي قد يمر بها مريض اضطراب الشخصية الحدية ومن أشهرها
- المرور ببعض النوبات الطويلة من الهلوسة مثل سماع أصوات غير حقيقية وكذلك الاعتقادات المؤلمة والمزيف كالاعتقاد بمحاولة أقارب المريض إزائه سرا.
- مرور المريض بأوقات أو بحلقات موجزة أو قصير من بعض التجارب الغريبة مثل سماع أصوات خارجية لدقائق تعطي أوامر للمريض مثلا بإيذاء نفسه أو الآخرين.
- وجود بعض الأفكار المزعجة مثل الشعور بانعدام القيمة أو شعور المريض بكونه شخصا سيئا.
وقد يدرك المريض أو لا يدرك مدى خطأ هذه الأفكار أو كونها غير حقيقة من وقت لآخر.
كما قد تزداد هذه الأفكار سواء مع مرور الوقت لتشير لتدهور الوضع وتحول الأمر لحالة ذهانية.
الاضطراب العاطفي
إذ يمر مريض اضطراب الشخصية الحدية غالبا بالعديد من المشاعر السلبية من حين لآخر مثل
- الحزن.
- الأسف.
- الغضب.
- العار والخجل.
- الخوف والهلع.
- الشعور بالفراغ والوحدة لفترات طويلة.
- اليأس.
- الرغبة في الانتحار.
وكثير ما يعاني مريض هذا الاضطراب من تقلبات مزاجية حادة وواضحة أو مشاعر متناقضة تتأرجح ما بين السلبية والإيجابية خلال فترات زمنية قصيرة إذ قد يشعر المريض برغبة في الانتحار تتحسن صباحا أو مساء حسب كل حالة.
الحصول على علاقات كثيرة ولكن غير مستقرة مع الآخرين
غالبا يمر مريض اضطراب الشخصية الحدية بأحد النمطين في علاقته بالآخرين وهما
الخوف من الوحدة وتخلي الآخرين عنه خاصة عند الحاجة إليهم مما قد يدفعة للقيام بعدة أمور منها
- التشبث الجسدي بشخص ما ورفض تركه.
- كثرة الاتصال والتواصل بشخص ما بأكثر من طريقة سواء هاتفيا أو على مواقع التواصل وغير ذلك بغض النظر هل الوقت مناسب أم لا.
- التهديد الدائم بالانتحار أو تعريض حياة الشخص الآخر للخطر إذا تركه أو تخلى عنه.
شعور المريض بالاختناق أو الخوف من وجود الآخرين حوله والرغبة في دفعهم بعيدا مما يدفعه للقيام ببعض الأمور مثل
- الإساءة اللفظية او الجسدية لهؤلاء الأشخاص.
- تجاهل هؤلاء الأشخاص عمدا.
- التخلي عاطفيا عنهم.
وبناء على هذين النمطين فإن مريض هذا الاضطراب لديه شكلين فقط في علاقته مع الآخرين؛ إما علاقة بيضاء مثالية أو سوداء فاشلة، ولا وجود للمنطقة الرمادية في علاقته بالآخرين.
كذلك فإن هذا الاضطراب الواضح في العلاقات مع الآخرين يدفع هؤلاء الآخرين كثيرا لتجنب المريض خاصة مع عدم معرفتهم أو تفهمهم لوضعه المرضي.
السلوك المندفع أو غير المتزن
يرتبط اضطراب الشخصية الحدية بنوعين أساسيين من الأنماط السلوكية والتي يصعب التحكم بها وهما
- الرغبة في إيذاء النفس بأي صورة أو الانتحار خاصة مع تفاقم مشاعر الحزن والاكتئاب.
- التهور والاندفاع في القيام بأنشطة خطيرة أو غير مسؤولة ومتهورة مثل تعاطي المخدرات والإفراط في تناول الكحوليات أو حتى لعب القمار وغير ذلك.
أسباب اضطراب الشخصية الحدية
على غرار معظم الاضطراب العقلية والنفسية الأخرى، فليس هناك سبب واحد أو محدد لحدوث هذا الاضطراب، وإنما قد يكون ناتجا من عدد من العوامل أو الأسباب المختلفة مثل
- حدوث اضطراب في بعض المواد الكيميائية والناقلات العصبية في المخ مثل السيروتونين.
- عوامل جينية أو وراثية.
- حدوث اضطرابات في نمو بعض أجزاء المخ.
عوامل بيئية أو مكتسبة مثل
- التعرض لاعتداء أو إيذاء نفسي أو جسدي أو جنسي.
- نشأة المريض منذ الصغر مع أحد أفراد العائلة الذي يعاني من أمراض نفسية أو عقلية أو سلوك غير متزن مثل الإدمان.
- التعرض لفترات طويلة من الترهيب أو الخوف خاصة في مرحلة الصغر.
- التعرض للإهمال الشديد في مرحلة الطفولة من أحد الوالدين أو كليهما.
ومن اللافت للنظر أن اضطراب علاقة الطفل بوالديه والبيئة التي نشأ بها لها دورا كبيرا في زيادة الاحتمال للإصابة بهذا الاضطراب
علاج اضطراب الشخصية الحدية
نظرا لكون هذا الاضطراب من الاضطرابات المعقدة التي قد تؤدي لمضاعفات خطيرة إذا لم يحصل المريض على العلاج المناسب في الوقت المناسب، فقد تم وضع عدة خطط علاجية حسب كل حالة وشدة الأعراض لعلاج اضطراب الشخصية الحدية.
وقد يشمل علاج هذا الاضطراب علاجا فرديا او جماعيا تبعا لما تتطلبه كل حالة، ومن أفضل وسائل العلاج المتبعة هو بواسطة فريق الصحة العقلية المجتمعية (CMHT).
- وغالبا يتكون هذا الفريق من عدد من الأفراد ذوي الخبرة في علاج مثل هذه الحالات مثل
- أطباء النفسيين وعلماء نفس متخصصين وغالبا يمثلون قادة الفريق.
- ممرضات أو ممرضين متخصصين في الصحة النفسية المجتمعية
- أخصائيين اجتماعيين.
- صيادلة
- معالجين ومستشارين نفسيين.
- معالجين وظيفيين أو مهنيين.
ويعمل الفريق على توفير العلاج وكذلك الدعم بشكل دائم للمريض مع الحرص على إعطائه مساحة من الاستقلالية لتحقيق غرض العلاج الأساسي.
ومن أهم طرق علاج هذا الاضطراب
العلاج السلوكي الجدلي (DBT)
وهو من أنواع العلاجات الهادفة في الأساس إلى علاج هذا النوع من الاضطراب ويعتمد في فكرته على دراسة العاملين الأساسيين لاضطراب الشخصية الحدية وهو كون المريض شديد الحساسية لمشاعره وعواطفه بالإضافة لكونه يشعر بالتجاهل والعزلة.
وهذان العاملان يضعان المريض في حلقة مفرغة من المشاعر السلبية والمحزنة بالإضافة باعتقاده بعدم أحقيته في الشعور بها.
ويعتمد العلاج السلوكي الجدلي (DBT) أساسا هنا على كسر هذه الحلقة بإخبار المريض أن من حقه الشعور بالمشاعر السلبية ولكن ليس من الضروري أن يتم ترجمتها لسلوك يؤذي به نفسه أو غيره ليصل البرنامج لغايته وهو جعل المريض يدرك ماهية عواطفه وعلاقاته الاجتماعية بصورة صحيحة والتحرر من نمطية هذا الاضطراب.
ويهدف البرنامج إلى توضيح أن معظم الاختيارات والمواقف في الحياة لا تقع في النطاقين الأبيض والأسود فقط.
وغالبا يتم هذا العلاج في صورة جلسات فردية وجماعية منتظمة بالإضافة لإعطاء المريض وسيلة اتصال سريعة في حالة الطوارئ.
العلاج النفسي
ويهدف إلى مناقشة مشاعر وسلوك المريض معه وفهمها بصورة صحيحة وإعادة توجيه سلوكه بصورة أفضل
العلاج بالأدوية
ولا يعد استخدام الأدوية بروتوكولا أساسيا في علاج هذا الاضطراب ولكن تستخدم بعض الأدوية أحيانا في حالة وجود بعض الاضطرابات الأخرى مثل الاكتئاب واضطرابات القلق وكذلك الذهان والاضطراب ثنائي القطب.
ومن أشهر الأدوية المستخدمة لتخفيف حدة الأعراض الذهانية أو التغيرات المزاجية الحادة والسلوك الاندفاعي هي مثبتات الحالة المزاجية ومضادات الذهان.
بعض العلاجات الأخرى وتشمل
العلاجات المعتمدة على العقلية Mentalisation-based therapy (MBT)
- المجتمعات العلاجية Therapeutic communities (TCs)
- علاج الأزمات.
- العلاج بالفن.
ويختلف الوقت اللازم لتحسن أعراض أو علاج هذا الاضطراب، ومن الهام دعم الأسرة والمقربين للمريض بالإضافة لضرورة المتابعة بعد العلاج لضمان عدم حدوث انتكاسة.
وفي النهاية فإن التزام المريض بالعلاج يساعد كثيرا في تحقيق أفضل النتائج في أسرع وقت.
قد يهمك أيضاً: