الاكتئاب أحد أكثر الاضطرابات النفسية والعقلية شيوعًا، ولكن ما هي أسباب الاكتئاب؟ وما العلاقة بين الإدمان والاكتئاب؟ هل يسبب الاكتئاب اللجوء إلى المخدرات أم أن إدمان المخدرات سبب أساسي في حدوث الاكتئاب؟ هذا ما سنعرفه بالتفصيل في مقال اليوم.
ما هي أسباب الاكتئاب؟
الاكتئاب هو اضطراب نفسي لا إرادي ينتج عنه الشعور بالحزن واللامبالاة، يشبه السحابة القاتمة التي تُخيم على المشاعر والأفكار والسلوك أيضًا.
يعتقد البعض أن الاكتئاب ينتج من الإجهاد النفسي فقط ولكن في حقيقة الأمر هناك أسباب أخرى منها:
- الصدمات النفسية والقلق المستمر
- الإهمال أو العنف الأسري
- خلل الهرمونات
- اضطرابات الغدد الصماء
- الصفات الوراثية
- التغيرات الفسيولوجية الناتجة عن الإجهاد الجسدي
- أمراض الجهاز المناعي
- أعراض انسحاب إدمان المخدرات
أعراض الاكتئاب
لعل أكثر أعراض الاكتئاب شيوعًا هي مشاعر الحزن وفقدان الشغف والإحساس بالسعادة، بجانب بعض الأعراض الأخرى مثل:
- اليأس والتشاؤم والأفكار السوداوية
- صعوبة التركيز عدم انتظام الشهية
- زيادة أو فقدان الوزن بشكل ملحوظ
- الشعور بالذنب والتفكير في الماضي
- تجنب الاختلاط بالآخرين
- الصداع وآلام الجسد
- التعب والإرهاق دون بذل مجهود
- اضطرابات النوم
العلاقة بين الإدمان والاكتئاب
لاشك أن هناك ارتباط وثيق الصلة بين الإدمان والاكتئاب على الرغم من أن أحدهما لا يسبب الآخر بالضرورة، في دراسة أُجريت على 43093 مدمن وجد الباحثون أن 20% منهم كانوا يعانون من الاكتئاب قبل الوقوع في براثن الإدمان. ومن ناحية أخرى يؤدي الإدمان إلى اضطراب الجهاز العصبي وخلل كيمياء الدماغ مما يسبب الاكتئاب.
غالبًا ما يتعاطى الأشخاص الكحول أو المخدرات الأخرى كمحاولة للتكيف أو الهروب من أعراض الاكتئاب وتحسين حالتهم النفسية، ولكن لا يحدث سوى العكس، وبدلًا من تلقي العلاج الطبي الصحيح يؤدي الإدمان إلى تفاقم أعراض الاكتئاب.
الاكتئاب والإدمان كلاهما مرض مزمن يرتبط بانخفاض الطاقة وانعدام الرغبة وعدم القدرة على اتخاذ القرار، لذا فإن المريض لا يدرك حجم المشكلة ويرفض الخضوع للعلاج.
تعاطي المخدرات والاكتئاب معًا يُعرف طبيًا بالاضطراب المتزامن أو التشخيص المزدوج؛ لأن علاج الإدمان يُصبح أكثر صعوبة في ظل وجود الاكتئاب.
ما هو تأثير الاكتئاب على علاج الإدمان؟
إن أولى مراحل علاج الإدمان هي مرحلة التشخيص، ولكن تحت تأثير الاكتئاب الشديد تصبح هذه الخطوة من أهم وأصعب مراحل العلاج، وذلك لأن المرضى يرفضون التعاون مع الأطباء، فيستغرق الأمر وقتًا لتشخيص نوع الاضطراب العقلي الذي يعاني منه، ومعرفة أنواع المخدرات أو العقاقير التي يتعاطاها حيث تختلف أعراض الاكتئاب وتعاطي الحشيش عن أعراض الاكتئاب وإدمان الكحول.
كما يزيد الاكتئاب من خطر الانتكاس أثناء أو بعد التعافي من الإدمان مما يستلزم وضع خطة تأهيلية لدعم المريض بعد التعافي عن طريق الجلسات التفاعلية الجماعية أو الفردية.
أسباب الإدمان
قديمًا كان الجميع ينظر إلى الإدمان على أنه نابع من الفشل الأخلاقي والعملي وضعف الإرادة، ولكن مع تقدم البحث العلمي أثبتت النظريات البيولوجية أن الإدمان مرض عقلي يتطلب المساعدة المستمرة. ومن أسباب الإدمان:
- الأمراض المتعلقة بخلل الهرمونات أو الناقلات العصبية
- الأمراض العقلية مثل الاكتئاب أو الاضطراب ثنائي القطب
- عدم القدرة على مواجهة تحديات الحياة
أعراض الإدمان
لقد تعودنا رؤية أعراض الإدمان عبر شاشات التلفاز متمثلة في صورة أشخاص منعزلين عن العالم الخارجي لا يريدون سوى تعاطي المخدر فقط، ولكن هذا الأمر ليس صحيحًا على طول الخط؛ لأن أعراض الإدمان تختلف من شخص لآخر تبعًا لنوع وكمية وطريقة تعاطي العقار المخدر، ومن بين هذه الأعراض:
- إهمال النظافة والاهتمام بالمظهر
- شحوب البشرة وإرهاق العينين
- التهرب من المسؤوليات
- التغيّب من الدراسة أو العمل
- الاندفاع والعنف وتغيير السلوكيات
- ظهور أعراض الانسحاب الجسدية والنفسية عند التوقف عن تعاطي المخدر.
إحصائيات توضح مدى خطورة الإدمان والاكتئاب
حسب التقارير المنشورة في مجلة الاتحاد الطبي الأمريكي:
- 37% من متعاطي الكحول لفترات زمنية طويلة يعانون من الاكتئاب السريري الشديد.
- 29% من مرضى الأمراض العقلية مثل الاكتئاب يلجأون لتعاطي الكحول والمخدرات.
وفي دراسة أُجريت في كندا حول إحصائيات الوفاة بسبب الإدمان والأمراض العقلية كانت النتائج:
- 17% من الوفيات كانت بسبب التدخين وإدمان التبغ.
- 12% بسبب المواد الأفيونية بمختلف أشكالها.
- أكثر من 15% يعانون من الأمراض العقلية نتيجة الإدمان.
- كما أكدت الدراسة أن 70% من المشاكل النفسية تبدأ في مرحلة الطفولة أو المراهقة.
- 34% من طلاب المرحلة الثانوية يعانون من الاكتئاب.
- ترتفع معدلات الإدمان بين الرجال أكثر منها في النساء حيث بلغت نسبة الوفيات 75% من الرجال.
كما أسفرت أبحاث أخرى عن مدى الخسائر التي يسببها الإدمان والأمراض العقلية للمجتمع:
- يُقدر العبء الاقتصادي للأمراض العقلية بحوالي 51 مليار دولار شاملًا تكاليف الرعاية الصحية والإنتاجية المفقودة.
- كما بلغت تكلفة تعاطي المخدرات أكثر من 40 مليار دولار شاملة الرعاية الصحية والإنتاجية المفقودة والعدالة الجنائية.
- تتخطى خسار إدمان الكحول 14.6 مليار دولار سنويًا، والتبغ 12 مليار دولار.
طرق علاج الإدمان والاكتئاب
لا يتم تحديد الخطة العلاجية طبقًا لنوع المخدر فقط، ولكن الأمر يتعلق بعدة نقاط منها:
- التاريخ المرضي للشخص وما إذا كان سبق له علاج الاكتئاب أو الإدمان أم لا.
- المدة التي قام فيها بتعاطي المخدر ومدى تأثيره على الجسم.
- الحالة الصحية للمريض وهل يعاني من أمراض مزمنة أم لا.
- الحالة النفسية والأسباب التي دفعت المريض لتعاطي المخدر.
ولعل أفضل سبل العلاج هي البرامج المتكاملة والتي يتم فيها استخدام العلاج الدوائي والسلوكي (النفسي)، ثم يتبعه برنامج تأهيلي لمنع الانتكاس مرة أخرى واتخاذ القرار الأفضل عند مواجهة تحديات الحياة.