يُعرّف التشخيص المزدوج بأنّه حالة يعاني فيها الفرد من مرض عقلي (نفسي) ومشكلة تعاطي المخدرات (إدمان المخدرات) في نفس الوقت، ويسمى أيضاً بالاضطرابات المتزامنة أو الأمراض المزدوجة لدى بعض المعالجين. وقد ظهر هذا المسمى بعد الجدل
الكبير الذي ظهر مع اكتشاف وجود علاقة بين الأمراض النفسية والإدمان، وأصبح هذا المصطلح يُستخدم على نطاق واسع. على سبيل المثال؛ يمكن استخدام برنامج علاج التشخيص المزدوج في حالة وجود إدمان على الكحوليات أو المخدرات وفي الوقت نفسه وجود حالة اكتئاب لدى الشخص، أو وجود حالة من الفصام مع إدمان للمواد الكحولية، أو اضطرابات القلق – التي تعتبر أحد الأمراض النفسية – مع إدمان الهيروين، بحيث تكون هذه الأمراض النفسية والحالات الإدمانية متزامنة مع بعضها البعض.
برنامج علاج التشخيص المزدوج
وجدير بالذكر أن برنامج علاج التشخيص المزدوج مهم جداً بالنسبة للشخص الذي يعاني من اضطراب إدمان المخدرات، لأن تشخيص المرض النفسي لدى الفرد المدمن للمواد المخدرات يكون صعب جداً على الأطباء والمعالجين. خاصةً وأن إدمان المخدرات نفسه يمكن أن يؤدي إلى بروز بعض الأعراض النفسية على الشخص، وبالتالي يكون من الضروري التفريق بين المرض النفسي الموجود بالفعل قبل إدمان المخدرات، والمرض النفسي الناتج عن تعاطي المخدرات.
المشكلة الأكبر
المشكلة الأكبر ضمن برنامج علاج التشخيص المزدوج أن المريض الذي يعاني من الاضطرابات المزدوجة يواجه الكثير من التحديات والصعوبات، فيكون لديه احتمال مرتفع للانتكاس والعودة للتعاطي مقارنة بمدمن المخدرات الذي لا يعاني من مرض نفسي، كما ترتفع نسبة الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، والتهاب الكبد الوبائي وغيرها من الأمراض المؤذية.
عادةً ما يقدم برنامج التشخيص المزدوج تقييم وتشخيص وعلاج للبالغين والمراهقين المصابين بأمراض نفسية ومشاكل في تعاطي وإدمان المواد المخدرة أو الكيميائية التي تتطلب استشفاء داخلي في مقر مركز إعادة التأهيل (العلاج السكني) أو خارجي مثل برامج العيادات الخارجية. ويجب أن يقوم مركز إعادة التأهيل بتقديم العلاج للمرضى مع التعامل بلطف واحترام على جميع المستويات في سلسلة الرعاية من أجل تعظيم قدرة الفرد على تحقيق الصحة النفسية والعاطفية مدى الحياة.
وعادةً ما يكون لدى منشأة العلاج فريق متعدد التخصصات ضمن برنامج التشخيص المزدوج يتكون من طبيب نفساني وأخصائي اجتماعي ومعالجين الصحة النفسية، ويعمل كل هؤلاء في فريق واحد هدفه تقييم ومعالجة كل حالة على حده علاج جسدي واجتماعي وعقلي وعاطفي.
الاعتلال المشترك للاضطرابات الإدمانية
كما أن الاعتلال المشترك للاضطرابات الإدمانية وغيرها من الاضطرابات النفسية – أي الاضطرابات المزدوجة – شائع جداً، وقد تراكمت مجموعة كبيرة من الأدبيات التي تدل على أن الاضطرابات العقلية مرتبطة بشدة باضطرابات تعاطي المخدرات مما يجعل برنامج التشخيص المزدوج مهم للغاية. حيث وجدت دراسة استقصائية أمريكية لعام 2011 عن استخدام المخدرات والصحة أن 17.5 في المائة من البالغين المصابين بمرض عقلي يكون لديهم اضطراب تعاطي المواد المخدرة، أي حوالي 7.98 مليون شخص في الولايات المتحدة الأمريكية. كما أن تقديرات حدوث الاضطرابات المتزامنة في كندا أعلى من ذلك حيث تتراوح النسبة من 40 في المائة وحتى 60 في المائة.
وفي دراسة من كيسلر بالولايات المتحدة في محاولة لتقييم مدى انتشار التشخيص المزدوج، وجدت أن 47 في المائة من المرضى الذين يعانون من الفصام كانوا مصابين باضطراب تعاطي المخدرات في وقت ما من حياتهم، وكانت احتمالية تطوير الإدمان لدى المصابين بالأمراض النفسية والعقلية أعلى بكثير من احتمالات تطوير الإدمان في غيرهم.
برنامج علاج التشخيص المزدوج
كذلك هناك بعض الأشياء التي يجب أن تعرفها عن برنامج علاج التشخيص المزدوج وعن المرض نفسه، فالتشخيص المزدوج ليس ظاهرة نادرة حيث تشير الكثير من الدراسات إلى أن ما يصل إلى نصف المصابين بإدمان المخدرات يكون لديهم أحد أشكال الأمراض العقلية. كما أن التشخيص المزدوج يأتي في أشكال متعددة مختلطة بين الأمراض النفسية مثل الاكتئاب أو القلق وحالات الإدمان مثل إدمان المخدرات أو الخمور أو الجنس، وفي هذه الحالة يجب البدء في برنامج علاج التشخيص المزدوج.
ومن الأشياء المهمة أيضاً حول برنامج علاج التشخيص المزدوج أنّه من الصعب علاج الشخص المصاب بهذه الحالة بسبب عدم القدرة على معرفة مكان حدوث بعض الأعراض، إذا كان الفرد المصاب بالتشخيص المزدوج يعاني من الاكتئاب مثلاً لن تكون هناك وسيلة لمعرفة هل البداية هي تعاطي المخدرات أم أن المشكلة نفسية من البداية.
برنامج علاج التشخيص المزدوج: العلاج
نسبة صغير فقط من أولئك الذين يعانون من التشخيص المزدوج أو الاضطرابات المتزامنة يتلقون العلاج بالفعل لهذه الاضطرابات، ولذلك يقترح بعض العلماء وجود الحاجة إلى نهج جديد لتمكين الأطباء والباحثين والمديرين من تقديم علاجات كافية للتقييم والمعالجة القائمة على الأدلة، بالنسبة للمرضى المصابين بالتشخيص المزدوج أو الاضطرابات المتزامنة، والذين لا يمكنهم إدارتها
بشكل كفء ما بين خدمات العلاج النفسي وخدمات العلاج من الإدمان. على سبيل المثال؛ وجدوا في الولايات المتحدة حوالي 12.4 في المائة من البالغين الأمريكيين الذين يعانون من الاضطرابات المتزامنة يتلقون برنامج علاج التشخيص المزدوج الخاصة بالصحة العقلية والإدمان. ويجدر بالذكر أن المرضى الذين يعانون من الاضطرابات المتزامنة يواجهون صعوبات في الوصول إلى العلاج، حيث يتم استبعادهم من خدمات الصحة النفسية إذا ما اعترفوا بوجود مشكلة مع تعاطي المخدرات، ونفس الأمر مع مصحة لعلاج الادمان حيث يتم استبعادهم منها عند اكتشاف وجود مشكلة نفسية.
طرق متعددة لمعالجة الاضطرابات المتزامنة
وهناك طرق متعددة لمعالجة الاضطرابات المتزامنة ضمن برنامج علاج التشخيص المزدوج، مثل:
- العلاج الجزئي: يشمل علاج الاضطراب الذي يعتبر أساسياً فقط
- العلاج المتسلسل: وفيه يتم علاج الاضطراب الذي يُسبب الفوضى أولاً، ثم علاج الاضطراب الثانوي بعد علاج الاضطراب الرئيسي
- العلاج المتوازي: وفيه يتلقى المريض خدمات الصحة النفسية من أحد المرافق، وخدمات العلاج من الإدمان من مرفق آخر مختلف
- العلاج المتكامل: وفيه يتم مزج هذه التدخلات في حزمة معالجة واحدة متماسكة يتم تطويرها مع التقارب بين مقدمي الرعاية.
العلاج المتكامل
وفي حالة العلاج المتكامل يتم اعتبار جميع الاضطرابات أولوية، ويمكن أن يساعد العلاج المتكامل ضمن برنامج علاج التشخيص المزدوج في تحسين إمكانية الوصول، وإضفاء الطابع الفردي على الخدمة، والمشاركة في العلاج، والامتثال للمعالجة، والنتائج الإجمالية. وتصف إدارة الصحة العقلية وإساءة استعمال العقاقير في الولايات المتحدة العلاج المتكامل بأنه يخدم المصالح الفضلى أو العملاء والبرامج والممولين والنُظم. وعلاوة على ذلك يجب النظر إلى عملية التعافي من الإدمان على أنها سباق ماراثون وليست سباق قصير سريع، وأن تكون الأساليب والنتائج واضحة.
وعلى الرغم من أن العديد من المرضى قد يرفضون الأدوية المضادة لنتائج تعاطي المخدرات والآثار الجانبية، إلا أنها يمكن أن تكون مفيدة للحد من أمراض مثل البارانويا والقلق والشهوة، ومن الأدوية التي أثبتت كفائتها للاستخدام مع برنامج علاج التشخيص المزدوج علاجات استبدال الأفيون، مثل الميثادون والتي تعمل على تقليل مخاطر الانتكاس، والوفاة جراء الجرعات الزائدة، كما تساعد في تقليل الرغبة في الحصول على المادة المخدرة، أو الرغبة الشديدة في تناول الطعام، وتساعد أيضاً مدمني الأفيون، ومدمني الكوكايين، ومدمني الأمفيتامين في تقليل رغبة التعاطي.
شاهد ايضا :